العلامات التجارية واللاوعي

كل منا سمع عن شخصٍ ما، برغم ثروته يبدو بسيطاً، أو آخر يسخر ما تبقى من راتبه المتواضع في الكماليات ليبدو كذلك الغني ذو الحياة الميسورة. فنعتقد أن هؤلاء يعيشون حياة غير تلك التي يعيشونها. لسنا هنا بصدد الحديث عن دروس أخلاقية في التواضع أو القناعة، لكن أردت أن أعطي نبذة عن فهمنا كبشر لمعنى الصورة الذهنية.

في عالم الأعمال، نتأثر يومياً بعشرات - بل بمئات - من العلامات التجارية. ترتسم في عقولنا صور ذهنية عن تلك العلامات وغالباً ما تكون نتاج ما نراه ونشعر به. وليس بالضرورة أن تكون تلك الصورة إنعكاس للواقع، فقد يعتقد البعض أن "بسطات" بيع العسل ذات التعليب المتواضع تقدم منتجاً أصيلاً مقارنة بما يباع في المراكز التجارية، أو أن عطراً فرنسياً أفضل من آخر محلي الصنع.

brand-strategy-unconsciousness.jpg

كلها عوامل نفسية تساعد الإنسان على إتخاذ القرار بشكل أسرع وأبسط. فالإنسان من دون أن يعي، يستبدل عملية اتخاذ القرارات المعقدة - من فرز وتحليل - بعملية بسيطة ومريحة (وليست بالضرورة سليمة). فيكسب ثقة علامات تجارية بمجرد سماع إسم العلامة أو رؤية شعارها أو تصفح موقعها الإلكتروني. ولا يعني ذلك إهمال العوامل الحقيقية التي ترفع من مستوى الجودة والخدمة. فالعوامل النفسية تساعد على زرع البذرة الأولى من الصورة الذهنية، وتلك الصورة تتغير بشكل متواصل، فتتحسن تارة وتسوء تارة.

ولأن تلك الصور الذهنية التي ترتسم وتتحوَّر في عقولنا عادة ما تختبئ في عقلنا الباطن، فإن أول خطوة في تطوير قدرتنا على بناء وإدارة الصور الذهنية (أو كما يسميها المختصون "التموضع" أو "التمركز") تكمن في وعينا بوجودها وأثرها على قراراتنا. وكلما دربنا أنفسنا على ملاحظة آثار التفاصيل الصغيرة التي ذكرناها مسبقاً على مشاعرنا وقراراتنا كمستهلكين، كلما اكتشفنا قدرتنا على بناء وإدارة الصورة الذهنية لمشاريعنا.

 

لمشاركة النشرة

 
Previous
Previous

الإعلانات… وسراب الإبداع